لا يعتبر اتجاه محفوظ الأديب لكتابة السيناريو السينمائي بدعا أو شاذا عن غيره من الأدباء العالميين بل نبغ كغيره مثل: ماركيز وسارتر وغيرهما، لكنه كان من الأدباء المصريين القلائل الذين نظروا إلى السينما نظرة جادة، وكتبوا لها ليرفعوا من شأنها، بتحويلها من عمل تجاري محض، إلى عمل فني متكامل يمس الجماهير ويحقق مطلبها الحقيقي بفن جاد.
تؤكد بدايات محفوظ أنه لم يكن يعرف ما هو السيناريو السينمائي عندما التقى بالمخرج صلاح أبو سيف عن طريق صديقهما المشترك الدكتور فؤاد نويرة، فكان أبو سيف قد قرأ رواية عبث الأقدار، وأحس أنه أمام كاتب لديه ما يقوله.
كان هذا اللقاء بمثابة فرصة ثمينة للسينما المصرية، ليحدث التعاون بين كاتب بحجم وموهبة محفوظ وثقافته، ومخرج كبير ومثقف بمرتبة أبو سيف، لينتج عنه دفع السينما المصرية خطوات عدة للأمام.
وكان أول سيناريو يشارك نجيب محفوظ في كتابته فيلم “مغامرات عنتر وعبلة” عام 1945، ثم سيناريو فيلم “المنتقم” عام 1947، وعبر هذين الفيلمين تعلم محفوظ مبادئ كتابة السيناريو، وانطلق يقتحم هذا العالم خصوصا في الفترة من عام 1952 حتى 1960 والتي توقف بعدها عن كتابة السيناريو.
ليعد من أكثر الأدباء المصريين أعمالا سينمائية، فكتب خلال رحلته ما يقارب من 18 سيناريو سينمائي، أما عن الأفلام التي أخذت عن قصصه الأدبية أو رواياته فقد بلغت 12 فيلما، ليظهر أننا نجد من بين أحسن مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية التي اختارها الناقد سعد الدين توفيق 11 فيلما كتب لها نجيب محفوظ السيناريو أو القصة أو هما معا، وستة أفلام أخذت عن أعماله الأدبية، ليكون مجموعها 17 فيلما أي 17% من إجمالي الأفلام.
والأفلام هي: “لك يوم يا ظالم”، “شباب امرأة”، “ريا وسكينة”، “الوحش”، “جعلوني مجرما”، “درب المهابيل”، “الفتوة”، “جميلة”، “احنا التلامذة”، “بين السماء والأرض”، “بداية ونهاية”، “اللص والكلاب”، “الناصر صلاح الدين”، “الطريق”، “القاهرة 30″، “خان الخليلي”، و”السمان والخريف”.
رائد القصة السينمائية
بالإضافة إلى كتابة السيناريو عموما فقد كتب القصة السينمائية لفيلم “بين السماء والأرض”، ليعد أول من كتب القصة السينمائية كعمل فني مستقل، حيث عد رائدًا في هذا المجال الذي لم يكن يعترف به (أي وجود القصة السينمائية).
وبالإضافة إلى رواياته التي تحولت إلى أفلام سينمائية، وعددها حتى الآن 12 فيلما وثلث، والثلث الأخير هو الجزء الخاص به من فيلم “دنيا الله” الذي تكون من ثلاثة أجزاء.
وقد منح محفوظ الأديب لارتباط وظيفته بالسينما (وهو ليس الأديب الوحيد، كما يدعي البعض، فعبد الحميد جودة السحار ارتبطت وظيفته بالسينما أيضا) منذ عام 1959 حتى إحالته على التقاعد سنة 1971 قدرا كبيرا لأن يترك تأثيرا على السينما، حيث عمل مديرا للرقابة، ثم مديرا لمؤسسة دعم السينما ثم مستشارا لوزير الثقافة لشئون السينما.
ولا شك أن اتجاه نجيب محفوظ للسينما دفعها إلى الأمام دفعة قوية، حيث أصبح للسيناريو بناء فني واضح المعالم في تسلسله، والشخصية مرسومة بدقة من حيث تاريخها وسلوكها وتصرفاتها، كما يؤكد المخرج “توفيق صالح” الذي كتب له محفوظ سيناريو فيلم “درب المهابيل”.
الانحياز للطبقات الفقيرة
وقد قدم محفوظ مع المخرج صلاح أبو سيف أعمالا ليست بالرومانسية الصرفة، ولم تكن ذات نزعة تجارية تغازل الجمهور وتخطب ود شباك التذاكر، بل انحازا بوضوح إلى صف الطبقات الفقيرة والمضطهدة بفعل وجود التوافق بينهما والميول الاشتراكية.
وهذا ما جعل سيناريوهات أفلامه تواجه دوما بتردد شديد من المنتجين عندما تعرض عليهم كونها كانت تغرد خارج سرب السينما التجارية، ومع ذلك حققت بعد إنتاجها نجاحا جماهيريا عاليا، وهذا يدلل على أنه كان يكتب ما يريده الجمهور لكن ليس على الطريقة التجارية بل عبر تقديم قصص واقعية حدثت في المجتمع الذي هو منه أو ما كان هو شاهدا عليه.
ورغم أن المتعارف عليه أن ينسب الفيلم لمخرجه كونه هو الذي يضعه في الشكل النهائي ويفرض عليه طابعه الخاص غير أن سيادة طابع نجيب محفوظ على أفلامه وبما اتسمت به بملامح واضحة رغم اختلاف مخرجيها يسمح لنا أن ننسبها إليه.
وكان لغالبية أفلامه أن شاركت في كثير من المهرجانات العالمية كمهرجان كان في فرنسا، وبرلين في ألمانيا، ومهرجان الفيلم العربي بالاتحاد السوفيتي آنذاك… إلخ من المشاركات الدولية.
ويعود ذلك إلى أن أفلامه كانت من أفضل الأفلام المصرية لسببين الأول: كون مخرجيها من أفضل المخرجين أمثال: صلاح سيف ويوسف شاهين وصلاح سالم، والثاني: كونها كانت تمثل لمخرجيها أفضل أعمالهم الفنية.
الأفلام المستقاة من أعمال نجيب محفوظ
الوحش (1954)
فتوات الحسينية (1954)
درب المهابيل (1955)
بين السماء والأرض (1959)
بداية ونهاية (1960)
اللص والكلاب (1962)
زقاق المدق (1963)
الطريق (1964)
بين القصرين (1964)
القاهرة30 (1966)
خان الخليلى (1966)
السمان والخريف (1967)
قصر الشوق (1967)
ثلاث قصص (1968)
ميرامار (1969)
السراب (1970)
الاختيار (1971)
ثرثرة فوق النيل (1971)
صور ممنوعة (1972)
السكرية (1973)
الشحات (1973)
الحب تحت المطر (1975)
الكرنك (1975)
المذنبون (1976)
المجرم (1978)
الشريدة (1980)
الشيطان يعظ (1981)
أهل القمة (1981)
فتوات بولاق (1980)
وكالة البلح (1982)
الخادمة (1984)
أيوب (1984)
المطارد (1985)
دنيا الله (1985)
شهد الملكة (1985)
التوت والنبوت (1986)
الحب فوق هضبة الهرم (1986)
عصر الحب (1986)
الحرافيش (1986)
الجوع (1986)
وصمة عار (1986)
أصدقاء الشيطان (1988)
قلب الليل (1989)
ليل وخونة (1990)
نور العيون (1991)
سماره الأمير (1992)